Angels & Demons
4 / 10
كارثة 2009 تبدأ مبكرة
أعتدنا في كل عام أن يكون هناك عمل سينمائي تبنى عليه آمال
عريضة من ناحية التكلفة والموضوع والطاقم والدعاية فنصدم به حيث يتحول إلى
أضحوكة سينمائية حقيقية ، فبعد كوارث الأسكندر 2004 المترجمة 2005 شرطة
ميامي 2006 الحب في زمن الكوليرا 2007 ميلك واستراليا 2008 ها هي كارثة
2009 تهلّ علينا مبكراً هذه المرة ولكن ومرةً أخرى بتوقيع مخرج مخضرم هو
رون هاورد الذي يبدو إن اختلاط مواعيده بين مواعيد تسويقه لرائعته فروست
نيكسون و مواعيد تصويره لعمله هذا أدى إلى اختلاط الرؤية السينمائية لديه
فأنتج عمل أقل ما يقال عنه سخرية سينمائية فهو فضيحة فنية يجب على رون
هاورد أن يعتزل العمل السينمائي بعدها حفظاً لماء وجهه أو أن يقوم بالشيء
الذي قام به بعد سقوطه بشفرة دفنشي فيخرج عمل رائع يثبت فيه إنه ما زال
مخرجاً قديراً - حيث أخرج بعد الشيفرة مباشرةً السيرة الذاتية السياسية
المبهرة فروست نيكسون – وأدعوه ليبقى بمجال السير الذاتية فهو الأفضل فيه
وأفلام أبولو 13 وعقل رائع ورجل الساندرلا خير شواهد على ذلك وليبتعد عن
روايات دان براون فهو إلى حد الآن لم يفهمها ولم يستطع التعامل معها.
بعد شفرة دفنشي كنت أتوقع إن هاورد قد تعلم من أخطائه ولكن
هذا المخرج الذكي تملكه الغرور وتواجده بكل ترشيحات عام 2008 عن فروست
نيكسون جعل عيناه تعميان عن حقيقة إنه يخطئ أيضاً كأي إنسان عادي ومن
الممكن له أن يتعلم من خطأه فأصر على المعصية وجاهر بالإثم وأخرج عمل هزيل
إذا قارنته مع شيفرة دفنشي فسيصبح الأخير تحفةً بالنسبة لك ....
عمل رديء ..... رديء ...... رديء بكل ما تعنيه الكلمة،
المنافس السهل بالنسبة لي على ريزي 2009 لا أعلم أين أبدأ بالهجوم عليه هل
أبدأ من الاقتباس المريع على يد أكيفا أولدسمان ، أم من الموسيقى المكررة
من هانز زيمر ، هل أتحدث عن الأداء السطحي من إيليت زورير و المفتعل من
إيوان مكروغر والعادي من توم هانكس ، أم أتحدث عن الإدارة الفاشلة من منتج
العمل ومخرجه رون هاورد.
من يعتبر إن في كلامي مبالغة وتحامل على العمل فسأقول له
جملتان الأولى: انتظر قليلاً فأنا إلى حد الآن لم أقل شيئاً والثانية :
أنا قرأت الرواية وأعجبت بها جداً، الرواية تجاوزت الـ 600 صفحة ولكنني
قرأتها بظرف أسبوعين قرأتها وأنا في الحافلة وأنا في العمل وأنا في البيت
قبل أن أنام وبعد أن استيقظ ، عشقتها أكثر من شيفرة دفنشي ووجدت بها مادة
تأهلها لتصبح من أعظم الأفلام في تاريخ السينما ولكنني عندما شاهدت العمل
وجدت مؤامرة ولكن ليست مؤامرة المتنورين على الكنيسة بل مؤامرة من رون
هاورد وفريقه على دان براون لتشويه أعماله ، في بداية العمل تتفاءل بوجود
الخير رون هاورد يقدم الشخصيات بسرعة وبشكل واثق يستعرض الأحداث بشكل جيد
يمهد للعمل بطريقة ممتازة من قرأ الرواية قبل العمل سيشعر بوجود نفس جديد
للقصة فالكاتب المخضر أكيفا أولدسمان (الحائز على أوسكار أفضل اقتباس عن
عقل رائع) أبقى على الخيوط الرئيسية في الرواية وحاول أن ينسج سلسلة جديدة
من الأحداث ولكن على ما يبدو فإن هذا الكاتب لا يملك ذكاء براون فبعد مرور
20 دقيقة على بدأ العمل سيبدأ بالتفكك وستشعر بأن حجم العمل بدأ يتضاءل
والنص يتحول إلى قزم أمام رواية براون الرائعة ، أولاً هناك العديد من
الأحداث الرئيسية في الرواية والمهمة والتي تشكل نقاط مفصلية فيها قد تم
تجاهلها مما سبب تفكك وسطحية بالعمل فلم نرى اختطاف فيتورا و قتل
الكاردينال الرابع، كما إنه ولسبب غير مفهوم أزال شخصية مدير مركز الأبحاث
النووية رغم إنها من الشخصيات الأهم في الرواية والتي تمثل طرف العلم في
صراع العلم والدين، وأغفل علاقة الحب بين فيتورا و روبيرت – والتي صاغها
رون هاورد بشكل رائع بروايته والتي شكلت أهمية كبيرة في تحول الأحداث–
تجاهل الحوارات التي تشير إلى ارتباط أمريكا بالمتنورين والماسونية، شخصية
القاتل في الرواية آسيوي من طائفة الإسماعيلية يريد الانتقام من الكنيسة
بسبب الحروب الصليبية ولكن في الفيلم تم تحويله إلى مجرد قاتل مأجور
أوروبي، إغفال شخصية المذيع والمصورة رغم أهميتها، التشويش في صناعة شخصية
السكرتير الباباوي حيث نراه تارةً شخص يعمل على إيجاد التوافق بين العلم
والدين ثم نراه كشخص لا علمي بالمطلق ويعادي العلم باسم الدين، إغفال إن
البابا المقتول هو والد السكرتير عن الطريق التلقيح الصناعي، وإغفال إن
مدير المشروع العلمي المقتول في أول العمل هو والد فيتوريا بالتبني وعدم
تسليط الضوء على شخصيته وأنه كان يمثل التوافق بيت العلم والدين وعدم
إظهار هذه النقطة عند فيتوريا أو عدم إظهار حتى تعاطف لديها لوالدها
القتيل، والغباء بإظهار إن تجربة البينع بانغ تمت في نفس يوم قتل البابا
وانتخاب البابا الجديد رغم إنها بالرواية تحدث قبل ذلك بأيام وذلك التسلسل
بالفيلم أظهر شيء من عدم المنطقية بينما في الرواية كان هناك تسلسل منطقي
رائع بالرواية إن تجربة البينغ بانغ ونزاع العلم والدين حول فكرة نشوء
الكون لم يتم تقديمها أبداً بالعمل أو التوسع بها مما صنع فجوة شنيعة فيه،
وهذا غيض من فيض أمور وأحداث موجودة في الرواية لم يدرجها هاورد في فيلمه.
ولكن نقطة الضعف الرئيسية بالعمل هي بعدم إظهار الفكرة
المطلوبة منه وهي الصراع العلم والدين وإمكانية تقاربهما ورحلة بحث روبيرت
عن الإيمان ومعاني الإيمان وغيرها من أفكار هامة افتقدها العمل وجعله فارغ
المضمون ...
العمل تجاهل أيضاً التمهيد لشخصية السكرتير الباباوي ليتم
تقديمه كالمسيح المنتظر فكانت الشخصية مشوشة فارغة من القوة والتأثير
المفروضان لها ولحظة اكتشافه مكان القنبلة وتخلصه منها ثم قفزه من الطائرة
ونزوله لم يتم تصويره كما في الرواية أشبه بلحظة عودة المسيح حيث مزيج
مبهر بين الإثارة والرثائية الحقيقية والإلهام والتأثير والبطولية التي
صنعت بها تلك اللحظات بروعة على صفحات الرواية بل تم تصويرها بشكل رديء
ميال إلى الرثائية الفارغة وهذا يدل إلى إن العمل لم يسحب القيمة الفكرية
وجودة النص والحبكة من الرواية لأجل زيادة الإثارة والأكشن فهذا الشيء لم
يكن موجوداً أبداً، فربما عملية إفراغ الرواية من مضمونها كان لغرض منع
الاستعداء من أنصار الدين المسيحي وإثارة الجدل وصنع عمل مثير ومسلي
ولكنهم فشلوا بذلك من قرأ الرواية ستندمج حواسه معها مع كل لحظة كشف عن
جريمة قتل في العمل ولكن في الفيلم سيصدم بجو من البرود في تقديم لحظات
الجرائم دون أن يستطيع المخرج صنع أي تفاعل بين المشاهد واللحظة مع محاولة
لزيادة جرعة الرثائية التي كانت فاشلة بالمطلق ثم تصوير الباباوات
والكاردينالات كان سخيفاً ومهيناً لأتباع الدين المسيحي عجائز خرفين تم
رسمهم بطريقة مضحكة كرتونية ...
فنيات العمل جيدة المؤثرات الصوتية و الإخراج الفني لا بأس
بهما ، التصوير عادي والمونتاج كذلك ... موسيقى هانز زيمر مزيج بين
موسيقاه في شفرة دفنشي وفارس الظلام والمصارع والإبقاء على ثيمته
الموسيقية الرائعة التي قدمها في حفل أوسكار 2006 وفي فارس الظلام دون أي
تجديد، من الأمور الجيدة النادرة في العمل تفاصيل انتخاب البابا ومشهد
الانفجار وبعض التأثير في لحظة صعود السكرتير إلى الهيلوكبتر – ولكنها لا
تقارن بروعة صياغتها في الرواية - صنع الأرتياب حول رئيس ضباط الحرس
السويسري ، أما الأداء التمثيلي فهو مخيب للآمال توم هانكس ممثل قدير
وشخصية كروبيرت لانغدون من السهل عليه أدائها ولكنه لم يظهر بهذا العمل
أي تعمق للشخصية كانت شخصية سطحية وفارغة ولكن مع ذلك فيبقى لتومي
جاذبيته في التمثيل...
شخصية فيتوريا يفترض إنها إرلندية حسب الرواية ولكن تم
تحويلها إلى إيطالية حسناً هذا مقبول ولكن ألا يوجد أي ممثلة إيطالية
قادرة على أداء الدور حتى يجلب رون هاورد الممثلة الإسرائيلية إيليت زورير
لتقوم بالدور، صحيح إنها تعتبر بإسرائيل ممثلة قديرة ولكنها مقارنة بممثلي
هوليوود وأوروبا ( NOTHING ) وأدائها البارد السطحي في ميونخ سابقاً ثم
بهذا العمل دليل على ذلك، أما إيوان مكروغر فمنذ أن علمت إنه تم اختياره
لدور السكرتير الباباوي تشاءمت وكان تشاؤمي بمحله فشخصيته لم تكن بالمطلق
كما في الرواية قوية ومهيمنة وشديدة الإيمان بل كان ضعيفاً مهلهلاً مشتتاً
وأداؤه غلب عليه الإنفعالية ، ستالين سكاركراد أعجبني بدور الضابط في
الحرس السويسري والممثل القدير أرمين ميللر ستاهيل المرشح للأوسكار عام
1996 عن الرائعة SHINE قدم أداء جيد لا أكثر ....